1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: قراءة في قصيدة الجمعة أكتوبر 17, 2008 6:41 am | |
| رغوة الشمس شعر عبدالله سعيد قراءة صالح النعاشي
النص
وجه التراب اللي شرب رغوة الشمـس=غيـر تقاسيمـه صهيـل الغمـامـة
كان الامل بذرة وكـان الرجـا دمـس=وكان التعـب فـلاح يلبـس عمامـة
وكنت اهتني بالورد في حضرة اللمـس=وكنت اعتني بالبـرد واركـب سنامـه
واليوم هاجم صفحتي مخلـب الطمـس=وتناثـرت منهـا فـروخ الحمـامـة
جاني من الذكرى على مجريات امـس=يزرع تفاصيـل الشقـا فـي عظامـه
جاني وانا احفر في رماد الحشا رمـس=للمجـد وظنـون التـرف وانهـزامـه
قلبه على نبض الوله منحمس حمـس=ودمعـه يسابـق فالمحاجـر كلامـه
قال: انتظر ,, قلت: العفو خاطري عمس=والله يشـتـت شملـنـا بالسـلامـة
واللي خلق دنياك وفروضـك الخمـس=ارحـل وخـل الليـل يطـرح ظلامـه
خلك بعيد ويكفي نعيـش فـي همـس=انتـه وانــا مانلتـقـي والمـلامـة
مثل القمر لويحتري رجعـة الشمـس=يمكـن مـن الرجعـه تقـوم القيامـة
مدخل هناك مقولة تقول أن القمر يصنع الشعراء وفي هذا النص الشمس تحضر لكي تمارس مع شاعرنا دور القمر فتغرق من أجله الشعر في رغوتها تلك الرغوة التي شاهدها شاعرنا فصورها من خلال نص فاتن أخاذ يسافر بنا في أبعاد الرؤية الحقيقية لمشهد يومي متكرر يصيغه بفلسفة اندماج الأحاسيس فيكسر به إحساسنا أن الكون لا يتفاعل معنا كما ينبغي هنا الكون بأمه الكبرى الشمس يتداخل مع ما يكون هنا على الأرض فينتج عن ذلك قصيدة وشاعر وموقف مشترك 0
القراءة وجه التراب اللي شرب رغوة الشمـس يا الله كم هو منظر رائع أن نشاهد لحظة عناق وفراق بين الشمس والأرض إنها أكثر اللحظات التي تشعرنا بالأمل بالخوف بالبداية بالنهاية بغد وبكل الأمس لكن ما شأن الأرض إنها هنا لا تعانق ولا تفارق إنها تعيش الموقف أكثر عمقاً وعاطفة إنها تشرب رغوة الشمس تدخلها في أعماقها وتسكنها الشمس بوجود رغوتها فيها 0 غيـر تقاسيمـه صهيـل الغمـامـة لم يكن تجمع الغيوم الا حالة من قطع هذا التواصل الحسي الرائع بين الشمس والأرض عبر العبث في معالم هذه الصورة على وجه الأرض ومحاولة إيجاد مساحة من الوجود على وجه الأرض أنه محاولة لتغيير تلك التقاسيم التي بنتها الأرض برغوة الشمس على وجهها المتلهف لها تلك الغمامة القادمة لتغيير الموقف كله .
كان الأمل بذرة وكـان الرجـا دمـس هنا يدخل بنا شاعرنا إلى أعماق الأرض ليتغلغل بنا وبها في مشاعرنا التي لا نحس بمشاركة الكون لنا فيها الأمل هنا بذرة والرجاء هو ( الدمس ) ونتاج ذلك أن يخرج لنا ما زرعنا واقع نرجوه بنيناه بالأمل و( دمسناه ) بالرجاء في انتظار الحصاد 0 وكان التعـب فـلاح يلبـس عمامـة هنا لا بد مع زرع بذرة ( الأمل ) والعمل على دمس ( الرجا ) أن يكون هناك تعب فمن سيكون في هذه الصورة التخيلية الرائعة إنه الفلاح لتختلط الأحاسيس الغير محسوسة مع كل ما هو محسوس موجود فالأمل والرجاء والتعب لا نشاهدها لكن الأرض والبذرة والفلاح موجودة محسوسة فبهذا تكتمل الصورة التي نبحث عنها .
وكنت اهتني بالورد في حضرة اللمـس هنا إحساس آخر يحضر ( اللمس ) ولا بد أن يحضر ما يقابله أيضا على أرض الواقع أنه الورد كيف لا وليس على وجه الأرض مثل الورد يطيب معه اللمس والشم والتأمل إنه أكثر مخلوقات الله شاعرية وروعة 0 وكنت اعتني بالبـرد واركـب سنامـه لا أدري هل كان شاعرنا هنا يستحضر ورد تبوك فطار إلى مخيلته بردها أم أنه دفء الورد الذي قاده إلى إعلان تعامله معه باللمس وفي المقابل لابد أن يبين ما سيكون موقفه من البرد فأراد أن يخبرنا أنه يعتني بالبرد كدابة صالحة له ومن ثم يركب سنامه كتعايش فريد لا يعرفه إلا من عايش دابته وتعايشت معه .
واليوم هاجم صفحتي مخلـب الطمـس هناك كان يتعايش مع كل ذلك فيتعايش الشعر معه أما اليوم فيهاجم صفحته مخلب الطمس قادم أتى ليحاول أن يمحوا كل ذلك الاندماج الفتان ويحوله إلى قطع وأشلاء يستعص معه الاندماج فتكون المشاعر والأحاسيس في جهة والواقع المحسوس في جهة أخرى0 وتناثـرت منهـا فـروخ الحمـامـة بهذا طار ذلك السلام والوئام الذي حدث مع ذلك الاندماج ليعلن مرحلة الخوف من غذ مؤلم مظلم ذلك الغد الذي أتى بعد رحيل الشمس 0ولكن ما الذي حدث ؟؟
جاني من الذكرى على مجريات امـس هنا يبين شاعرنا أنه أتاه آت في وقت كان فيه يعيش مع ذكريات ذلك اليوم الذي تناسقت فيه الأشياء واندمجت مع بعضها البعض في تناغم كان يوحي بكل ما هو رائع بناه بأمل ورجاء ما في الغد ذلك اليوم الذي أصبح مع الغروب ( أمس ) لن يعود 0 يزرع تفاصيـل الشقـا فـي عظامـه بعد أن كان كل ما هو جميل ساكن في الخيال أتى هنا هذا الزائر بإحساس مخيف ليزرع ( تفاصيل الشقا في عظامه ) 0
جاني وانا احفر في رماد الحشا رمـس هنا يصور الشاعر حالته حين أتاه هذا الإحساس لقد أتى على شاعرنا وهو يحفر لا مجرد أن يضع فقط بل يحفر ليكون أشد ثباتاً وأين هناك في رماد الحشا إنه ليس تراب بل هو رماد لأن ذلك الحلم الجميل أتى على ماض احترقت فيه أحاسيس كثيرة وحفر لهذا ( الرمس) في ذلك الرماد ليكون شعار المستقبل أو علامة نهاية الماضي 0 للمجـد وظنـون التـرف وانهـزامـه هنا يؤكد الشاعر أن هذا ( الرمس ) كان للمجد الساكن في داخله الذي لا تؤثر فيه الآلام ولأحلام وآمال الترف ولانهزام ذلك الماضي المؤلم 0
قلبه على نبض الوله منحمس حمـس قلب من ؟ قلب ذلك الزائر الذي اتى ليغير كل تلك الآمال ويعيد إشعال ذلك الرماد في داخله لقد أتي وهو ليس مشتاق فقط بل أن قلبه من شدة الوله ( منحمس حمس ) على ماض عرف فيه كيف كان الشاعر يحول فيه الأحاسيس إلى واقع والواقع إلى مشاعر0 ودمعـه يسابـق فالمحاجـر كلامـه عندما تسابق الدموع الكلمات فمعنى ذلك أن المشاعر الصادقة هي من يحضر إنها لحظات يغادر فيها الخداع والكذب وتزييف الواقع ليحضر ما بداخل القلب دون انتظار لما قد يصيغه اللسان من عبارات وجمل وكم دمعة قالت ألف كلمة لا يعبر عنها لسان 0
قال: انتظر ,, قلت: العفو خاطري عمس ولكنه بدأ الكلام بكلمة ( العفو ) إنها كلمة وطلب ورجاء لم يمهله شاعرنا أن يكمل ما بعدها بل أخبره أن ما بداخله أكبر من ذلك أن ( خاطره عمس ) ولذلك فهو لا يستطيع أن يسمع أو يحاور أو يتحدث إنه يغلق الطريق لأنه لا يريد أن يعود إلى الوراء 0 والله يشـتـت شملـنـا بالسـلامـة رغم ما في هذا الشطر من البيت من قسوة الا أن الصدق يحضر فيه متجلياً فمع أن شاعرنا يريد أن لا يجتمع له شمل مع هذا العائد من الماضي الا أنه يرجوا له السلامة وفي ذلك دلالة على عظيم مكانة هذا القادم في قلب شاعرنا 0
واللي خلق دنياك وفروضـك الخمـس وهنا يتوجه الشاعر بالحديث الى هذا القادم ليطلب منه بعد أن يسأله بالله الذي خلق دنياه وفروضه الخمس ارحـل وخـل الليـل يطـرح ظلامـه لماذا يربط بينه وبين حضور الليل ؟ لأنه الشمس ومتى غاب حضر الليل إن هذا القادم هو تلك الشمس التي رافقتنا من أول النص أن هذا هو بداية الانفصال بين شاعرنا وتلك الشمس 0
خلك بعيد ويكفي نعيـش فـي همـس هنا يطلب ويكرر الشاعر الرغبة في الانفصال ولكن كيف يعيش معه في همس ؟ إنه لا يعيش معه بل مع كل تلم الأحاسيس التي يندمج فيها ليتهامس معها عن ذلك الأمس الجميل وعن ما فيه من مشاعر لن تتكرر 0 انتـه وانــا مانلتـقـي والمـلامـة هنا قد ينظر البعض إلى أن سبب الفراق هو كثر الملامة التي يرفضها شاعرنا أما أنا فلا اعتقد بتاتاً أن يفارق شاعر بهذا الرقي الحسي من أجل الملامة ولكنه يعلن الانفصال ولا يريد الملامة على ذلك أنه يعلنها مدوية أنه وهو لا يجتمعان وأن الملامة لن تحضر لأن ما فعله هو عين الصواب 0
مثل القمر لويحتري رجعـة الشمـس يمكـن مـن الرجعـه تقـوم القيامـة نعم أن هناك أحيان أمور لو حدثت لأحدثت عكس ما يرتجى منها فكما أن الشمس تحضر فيحضر معها كل جميل ويكفي أنها رمز للحياة إلا أنها لو عادت بعد غروبها ( من مغربها ) لكن ذلك إشعار بقيام القيامة ونهاية الدنيا وهذا تأكيد على أن القرارات العظيمة لا رجعة فيها لأنه قرار بني على تسلسل وواقع لا بد من حدوثه 0
تحياتي | |
|
لبنى غصن الزيتون
عدد الرسائل : 597 تاريخ التسجيل : 05/10/2008
| موضوع: رد: قراءة في قصيدة الأربعاء أكتوبر 22, 2008 2:38 pm | |
| | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: قراءة في قصيدة الخميس أكتوبر 23, 2008 12:47 am | |
| - لبنى كتب:
قراءة جميلة وقصيدة اجمل هي من أجمل ما قرأت
كنت أنتظر هذا الرد منذ زمن بعيد
لقد كانت رائعة بكل معنى الكلمة
وكان الرد كما توقعت
تحياتي | |
|