وقد عذب الله تعالى أقوامًا بالمطر منهم1- قوم نوح عليه السلام قال تعالى:
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر:10-14].
2- قوم عاد: وذكرناه سابقًا.
3- قوم لوط عليه السلام قال تعالى:
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} فقد أرسل الله تعالى عليهم حجارة من سجيل لتكذيبهم رسولهم.
[تفسير القرطبي 13/133، وابن كثير 6/21].
4- قوم سبأ قال تعالى:
{فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سـبأ: من الآية 16]، وهو الماء الغزير،
[تفسير ابن كثير (6/495)، الجلالين (565)].
وما واقعة تسونامي عنا ببعيد، فقد أهلك الله تعالى مئات الآلاف في دقائق معدودة نسأ الله تعالى العفو والعافية.
السنة عند نزول المطرمن السنن عند نزول المطر ما يلي:
1- التعرض له: عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال:
«لأنّه حديث عهد بربه تعالى» [رواه مسلم (898)].
2- أن نقول الذكر الوارد عند نـزول المطر، وقد وردت عدة أذكار منها:
أ – قـول
((اللهم صيبًا نافعًا)) فعن عائشة رضي الله عنها أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال:
«صيبًا نافعًا» [رواه البخـاري (985)].
ب – قول "رحمة" لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ
«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا رأى المطر رحمة» [رواه مسلم (899)].
ج- قول
«مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله» كما في حديث خالد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ [رواه البخاري (3916)].
3- الدعاء العام عند نزول المطر: فهو من مواطن استجابة الدعاء، كما في الحديث الذي [أخرجه الحاكم (2/114) وصححه]، وانظر:
[مجموع الفتاوى (7/129)].
4- إذا كثر المطر وخيف ضرره يسن أن يقول
«اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام ، والظراب ، وبطون الأودية ، ومنابت الشجر» [رواه البخاري (967) من حديث أنس رضي الله عنه ونحوه عند مسلم (897)]. وانظر:
[زاد المعاد (1/459)].
الآكام ـ أي الهضاب والجبال والآجام ـ أي منبت القصب والظراب ـ أي الجبال.
5- ويسن أن يقول عند سماع صوت الرعد والصواعق ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال:
«اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك» [رواه أحمد (2/100) والبخاري في الأدب (721) والترمذي (350) وقال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه)، وصححه الحاكم (4/318)] [الراوي: عبدالله بن عمر - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 4421]، وكان ابن الزبير رضي الله عنه إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" [رواه مالك (1801) والبخاري في الأدب (723)]. وأشير إلى أنّ الصواعق تكثر في آخر الزمان كما في حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل القوم فيقول من صعق تلكم الغداة فيقولون: صعق فلان وفلان وفلان» [رواه أحـمد (3/64) والحاكم (4/491)، وصححه على شرط مسلم].
ولا بأس بالجمع بين الصلاتين إذا كثر المطرلحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
«صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا بالمدينة من غير خوف ولا سفر». قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته. [رواه مسلم (705)].
كما يسن الصلاة في الرحال عند نـزول المطر مع شدة البرد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنّه أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال» [رواه مسلم (697)] وفي رواية له تقييدها بالسفر.
حكم الاستسقاء بالنجومقال تعالى:
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة: 68-69]، وعن أبي مالك الأشعري ـ رضي الله عنه ـ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة» [رواه مسلم (934)].
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال:
«أتدرون ماذا قال ربكم»؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فقال:
«قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي» [رواه البخاري (3916)].
أقسام الاستسقاء بالنجوم وحكم كل قسم: الأول: أن يدعو الأنواء بقوله مثلاً: "يا نوء كذا اسقنا". وهذا شرك أكبر في الألوهية لأنّه صرف شيئًا من العبادة وهي الدعاء لغير الله تعالى.
الثاني: أن ينسب حصول المطر للأنواء على أنّها هي الفاعلة دون الله تعالى ولو لم يدعها وهذا شرك أكبر في الربوبية.
الثالث: أن يجعل هذه الأنواء سببًا مع اعتقاده أنّ الله تعالى هو الخالق الفاعل وهذا شرك أصغر؛ لأنّ من جعل سببًا لم يجعله الله تعالى سببًا لا بوحيه ولا بقدره فهو مشرك شركًا أصغر.
الرابع: أن يريد بقوله "مطرنا بنوء كذا" أي في وقت كذا، فتكون الباء ظرفية أي جاءنا المطر في وقت هذا النوء. وهذا جائز. انظر
[القول المفيد لشيخنا العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ (3/18 و 2/31)].
وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم
«ليست السنة أن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا» [رواه مسلم (2904) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
أسأل الله تعالى أن يجعل ما أنـزله علينا متاعًا وبلاغًا إلى حين وأن يجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب وهدم وغرق إنّه جواد كريم، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سلسلة العلامتين