آلام فرتر
لهذه الرواية قصة مؤثرة في حياة جوته والتي أبدعها عقب تعرضه لمأساة غرامية، ففي "فتزلار" كان الحب الثاني
في حياة جوته بانتظاره، فهناك تعرف على فتاة تدعى شارلوت، أحبها جوته كثيراً، ولكنها كانت خطيبة أحد أصدقائه،
وتألم في حبه لها، فقام بتخليد هذا الحب في روايته الشهيرة "فرتر" والتي تعد واحدة من أهم روايات جوته وأكثرها
انتشاراً، وعبر من خلالها عن تجربته الشخصية من خلال بطل الرواية ولكن البطل أقدم على الانتحار في النهاية،
وقد حازت هذه الرواية على إعجاب الشباب وتعاطفوا مع ألم العاشق فرتر.
كانت الفترة الواقعة بين أعوام 1771 و 1775م فترة هامة في تاريخ جوته الأدبي فأنتج بها أشهر رواياته نذكر
منها: "جوتس، كلافيجو، آلام فرتر، ستيلا، جوتر، واروين" والعديد من المؤلفات الأدبية الأخرى،
مما جعله يرتقي سريعاً بين الأدباء الألمان، وفاقت شهرته وتجاوزت حدود ألمانيا.
جوته والدوق
في عام 1774م تعرف جوته على "كارل أوجست" دوق فيمار بمدينة "كالسر" بمقاطعة بادن، فقام بدعوته لزيارة
فيمار وبعد عام تقابلا مرة أخرى في فرانكفورت فدعاه ثانية لزيارة فيمار، وبالفعل لبى جوته الدعوة وذهب إليها في
7 نوفمبر عام 1775م، وقد توطدت علاقة كل من الدوق وجوته فأصبحا صديقين حميمين، وقام بتعينه في أحد
مناصب الدولة، وكانت فيمار على الرغم من كونها دوقية صغيرة فقيرة ومعظم أهلها من الفلاحين،
إلا أنها كانت قبلة لرجال الفن والأدب والعلم.
ومما شجع جوته على البقاء في فيمار الدوقة إماليا والدة الدوق، والتي كانت من المهتمين بالأدب والموسيقى،
فرحبت بجوته واستضافته، وكان قصر الدوق مركزاً أدبياً يلتقي فيه العديد من العلماء والأدباء والشعراء،
وكانت بداية فترة إقامة جوته بفيمار فترة ركود أدبي بالنسبة له فلم يخرج أي مؤلف له في هذه الفترة،
ولكنه قال أن هذه الفترة كانت فترة إعداد لإبراز مؤلف جديد.
العمل في حياة جوته
كان منصب جوته الذي قام الدوق بتعينه به يدر عليه مبلغاً مالياً مرتفعاً، فكثر حوله الحاقدين ولكن لم يأبه الدوق
بكل هذا وتوطدت علاقته بجوته كثيراً وقام بمنحه منزلاً فخماً على ضفاف احد الأنهار ليمكث به.
وقد عكف جوته خلال عشر سنوات على دراسة شئون الدولة والتفاني في عمله، وعمل على الاهتمام بالفنون
والعلوم المختلفة والارتقاء بها، كما قام بتنظيم مدينة فيمار وتجميلها وتحسينها وإصلاح الحدائق والزراعة بها،
وتنظيم النواحي الحربية والمالية وتنفيذ مختلف الأعمال التي تعود بالنفع في النهاية على الدولة،
وقد بذل جوته الكثير من الجهد في سبيل ذلك.
ولم تمر هذه الفترة في حياة جوته دون أن يقدم بها أعمال أدبية مميزة فقدم العديد من الروايات والتي قدم بعض
منها على مسرح فيمار ، وكانت من ضمن الروايات التي قدمها في هذه الفترة رواية" انتصار العواطف".
في إيطاليا
في عام 1786 قام جوته بالسفر إلى إيطاليا ومكث هناك أكثر من عام ونصف، وكانت هذه الرحلة بمثابة فترة راحة
واستجمام لجوته الذي انبهر بالسحر والجمال الإيطالي، فتعمق في حضارتها وسحرها وقام بإبداع عدد من أجود وأفضل
رواياته التمثيلية مثل "افيجينيا، ايجمونت، ناسو"، وقد اعتبر جوته رحلته لإيطاليا أفضل شيء حدث له في حياته.
عقب عودة جوته إلى فيمار قام الفرنسيون بقيادة بونابرت باحتلالها، وقد كان هناك لقاء بين كل من جوته ونابليون
وقد ترك جوته أثر طيب في نابليون الذي أبدى إعجابه الشديد بشخصيته وقال عنه عقب انصرافه "هذا إنسان"،
ومن الجانب الأخر تعاطف جوته مع نابليون عندما بدأ نفوذه في الاضمحلال في أواخر عهده عام 1813م،
مما جعل البعض يشكك في وطنيته.
جوته وشيلر
من الشخصيات التي أثرت في حياة جوته الشاعر الألماني والكاتب المسرحي الكبير "شيلر" والذي ارتبط مع جوته
بصداقة قوية، ترفع كل منهم بها على المنافسات والأحقاد التي قد تنشأ بين الشعراء والأدباء الكبار، وعلى الرغم من
محاولات البعض للإيقاع بينهما إلا أن هذا لم يحدث وظل الاثنان في علاقة وطيدة حتى جاءت وفاة "شيلر" عام 1805م،
فنعاه جوته وكتب إلى أحد أصدقائه يقول " إنني قد فقدت نصف حياتي" وهي الجملة التي تعبر عن المكانة
التي كان يحتلها شيلر في حياة جوته، كما قال شيلر أن صداقته لجوته أهم حدث في حياته.
اتجاهه الأدبي
كان جوته يميل في اتجاهه الأدبي إلى منهج "العاصفة والتيار" وكان هذا هو التيار السائد في هذا العصر والذي وقف في
مواجهة تيار أخر عرف بـ "عصر التنوير" أو عصر الدليل المادي، هذا التيار الذي كان يعمل العقل في كل النواحي،
ولا يؤمن بوجود أي شيء إلا إذا كان هناك دليل مادي على وجوده، بينما كان منهج العاصفة والتيار منهج
متجدد مفعم بروح الشباب رافضاً وضع أي قيود على المشاعر والأحاسيس، مؤمناً بحرية التعبير.
ثم ما لبث جوته في مرحلة أخرى من حياته أن تحول إلي "الكلاسيكية" والتي تسير
على نهج الحضارة الرومانية اليونانية القديمة
مؤلفاته
تنوعت مؤلفات جوته بين الرواية والقصيدة والمسرحية نذكر من مؤلفاته: ألام الشاب فرتر، من المسرحيات نذكر نزوة
عاشق، المتواطئون، جوتس فون برليخنجن ذو اليد الحديدية، كلافيجو، ايجمونت، شتيلا، إفيجينا في تاورس، توركواتو
تاسو، ومن قصائده بروميتيوس، فاوست "ملحمة شعرية من جزأين"، المرثيات الرومانية، وسيرة ذاتية بعنوان من
حياتي..الشعر والحقيقة، الرحلة الإيطالية، الأنساب المختارة كما قدم واحدة من أروع أعماله وهي " الديوان الغربي
والشرقي" والذي ظهر فيه تأثره بالفكر العربي والفارسي والإسلامي، ولعل جوته هو أول شاعر أوروبي يقوم بتأليف
ديوان عن الغرب والشرق مجسداً قيم التسامح والتفاهم بين الحضارتين، هذا بالإضافة للعديد من المؤلفات القيمة الأخرى.