موضوع: نرجسية الفروق الصغيرة الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 4:48 am
ول فرويد « ما عاد في وسعي أن أفهم كيف يمكن لنا أن نبقى مغمضي العيون إزاء كلية حضور العدوان و التدمير المجردين من الطابع الإيروسي، وأن نتهاون في منحهما المكانة التي يستأهلان في تأويل ظاهرات الحياة » لكن الإشكال الذي يكمن وراء ذلك هو هل أن الإنسان خير بطبعه كما اعتقد "روسو" أم انه شرير بطبعه كما يرجح "هوبس" ؟ بمعنى هل اختار أن يكون عدوانيا أم أنه مكره على فعل ذلك ؟ وهل أن العدوان يقتصر تجليه وحضره في الممارسات البشعة الدموية كما هو الأمر في الحروب؟ أم أن مفارقات الحياة تجعل الإنسان عدوانيا حتى في ممارسات اللهو والمرح؟
-تناول فرويد مسألة الحرب في بعدها النفسي واستخلص أن الناس لا يتحركون بتأثير عوامل عقلانية فقط وإنما بموجب الأهواء وخاصة العدوانية منها وقد كشف التناول الفرويدي للتاريخ عن طابعه المأساوي معتبرا: « تاريخ الإنسان البدائـي مفعم بالجريمة وتاريخ العالم الذي يتعلمه أطفالنا اليوم في المدارس ليس شيئا آخر سوى سلسلة من الجرائم ضد الجنس البشري » ورغم ما تبدو عليه الشعوب من رقــي وازدهار حضاري إلا أنّ « إنسان ما قبل التاريخ لا يزال يعيش داخل لاوعينا دون أي تغيير، وقد كان هذا الإنـسان البدائي لا يتردد في ممارسة القتل »
ولئن كانت آثار المعمار تطمس ليستعاض عنها بمعمار جديد كما هو الحال بالنسبة لمدينة روما مثلا حيث أشار فرويد إلى أن « زائر روما اليوم(...) لن يعثر على شيء من الإنشاءات و المباني التي كان يكتظّ بها ذلك الإطار القديم أو لن يعثر إلا على بقايا غير ذات معنى» فإن الآثار النفسية تبقى راسخة بل دائمة طويلة الأمد وتبعا لذلك قامت الحضارة على قمع دوافع الإنسان العدوانية. إذ يجتهد فعل القمع في أن يصد طاقة تتجاوز حدود سيطرتنا لذلك أوجدت الحضارة بعض المناهج والسبل والوصايا والشعارات التي تحث الناس على المحبة أو توصيهم بعدم القتل لكن فرويد رأى في ذلك الحجة على دموية هذا الإنسان لقوله « إن التأكيد على الوصية لا تقتل تجعل من اليقين أننا ننحدر من سلالة من المجرمين لا نهاية لها. كانت الرغبة في القتل تجري في دمهم كما يمكن أن يكون الحال معنا نحن أنفسنا الآن »
• كيف تعبر مواقـف السخرية عن الوجه الرمزي الخفي للعدوانية ؟
وجد فرويد في ما أطلـق عليه اسم « نرجسية الفروق الصغيرة » خير معبـر عن الوجه الاجتماعي للعدوانية فالمجتمعات المتجاورة و المجموعات المتصاهرة تتحارب فيما بينها بواسطة تبادل السخرية « كما هو الحال بين الأسبان و البرتغال أو بين ألمان الشمال و ألمان الجنوب... » هذه الممارسة هي ضرب من توجيه المنزع العدواني خارج المجموعـة الواحدة إذ يوجه إلى مجموعات غريبة وقد حرص فرويد على التأكـيــد على أنــه « بالإمكان توحيد الناس بروابط الحب في مجموعة تتزايد باستمرار شرط أن يبقى خارج هذه المجموعة أناس نمارس العدوان ضدهم ».
فالعدوانية طبع متأصل في الذات الإنسانية و ليست واقعة ظرفية و لا نتيجة لفساد اجتماعي أفرزته الملكية الخاصة و فرويد بقوله هذا يعلن اختلافه الجذري مع الطرح الماركسي لقوله « يعتـقـد الشيوعيون أنهم اكتشفوا الطريق إلى الخلاص من الشر. فالإنسان في نظرهم كله طيبة، و لا يريد سوى الخير لقريبه، لكن مؤسسة الملكية الخاصة أفسدت طبيعته (...) و من ثم فإن من حرم من الملك لابد أن يصبح معاديا للمالك و أن يثور عليه. ويوم تلغى الملكية الخاصة و تؤول جميع الثروات إلى مشاع مشترك و يغدو في مستطاع كل امرئ أن يشارك في المباهج التي توفرها ستزول العداوة ونية الإيذاء السائدتان بين البشر»
وتجدر الإشارة إلى أن فرويد لا يتعرض بالنقد للبعد الاقتصادي للنظام الشيوع و إنما ينقد المسلمة النفسية إذ يعتبرها قائمة على وهم الاعتقاد في إمكانية انتزاع العدوانية من الإنسان و الحال أنها طبع متأصل فيه حيث يقول: « إن الماركسية المطبقة وإن ألغت جميع المذاهب المثالية وكل الأوهام فإنها خلقت بنفسها أوهاما جديدة لا تقل عن سابقتها شبهة واستعصاء على البرهان فهي تأمل أن تتمكن من خلال بضعة أجيال من تحويل الطبيعة البشرية على نحو يتأتى معه للبشر أن يعيشوا معا في ظل تنظيم جديدة دون أن يعودوا إلى التصادم و أن يؤدوا فيه العمل الضروري من غير إكراه (...)والحق أنّ تحويل الطبيعة الإنسانية عبر هذا المنوال هدف مستحيل التحقق «
فالحضارة تريد أن تقنعنا بشعارات تغرينا للوهلة الأولى على نحو « أحبب قريبك كما تحب نفسك أو أحبب عدوك ! » . في حين أنه ليس بامكاننا أن نغدق بالحب على أي شخص إلا بشروط نابعة من كون حبي ثمين.ولأحب هذا الغريب عني يجب أن يجتذبني وان يشبهني في وجوه مهمة فأحب فيه نفسي أو إن يكون مثلي الأعلى ولو أحببته دون توفر هذه الشروط لاقترفت ظلما لمن أحبهم لأن حبي لهم إيثار يزول إذا دخل فيه هذا الآخر الغريب و ينتج عن ذلك أن هذا الغريب ليس جديرا بالحب، بل يستأهل « العداء والكراهية ».
مهـــــا قلم جديد
عدد الرسائل : 118 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 12/10/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الخميس نوفمبر 27, 2008 8:18 pm
برجوازي كتب:
فالحضارة تريد أن تقنعنا بشعارات تغرينا للوهلة الأولى على نحو « أحبب قريبك كما تحب نفسك أو أحبب عدوك ! » .
في حين أنه ليس بامكاننا أن نغدق بالحب على أي شخص إلا بشروط نابعة من كون حبي ثمين.ولأحب هذا الغريب عني يجب أن يجتذبني وان يشبهني في وجوه مهمة فأحب فيه نفسي أو إن يكون مثلي الأعلى ولو أحببته دون توفر هذه الشروط لاقترفت ظلما لمن أحبهم لأن حبي لهم إيثار يزول إذا دخل فيه هذا الآخر الغريب و ينتج عن ذلك أن هذا الغريب ليس جديرا بالحب، بل يستأهل « العداء والكراهية ».
صدقت
نون2 مشرف
عدد الرسائل : 60 تاريخ التسجيل : 05/10/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الجمعة نوفمبر 28, 2008 3:57 am
موضوع جدير بالتوقف والقراءة
لي عودة
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الجمعة نوفمبر 28, 2008 8:01 am
صباح الخير
بصراحة موضوع يفتق الذهن
ويجعلنب اسبر اغواره وابحث عما يحتويه
وقد قرأت يوما ان للنرجسية انواع كثيرة، ومن تلك النرجسية نرجسية الرأي، أو بمعنى أدق: النرجسية المتمثلة في شدة الاعتداد بالرأي.
وهناك نماذج أخرى سأمر عليها وجه الإجمال لا التفصيل. وقد أقف مطولاً عند أهمها وأقول وأجري على الله:
وكل نرجسية من هذه الأنواع، تتجلى من خلال الصفة البارزة، التي يعتد بها صاحبها النرجسي..
وهناك فرق بين الثقة بالنفس وبين الغرور، والنرجسية.
مررت مرور الكرام ربما اعود لأضيف شيئا
تحياتي
برجوازي قلم جديد
عدد الرسائل : 36 تاريخ التسجيل : 16/11/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الأحد نوفمبر 30, 2008 1:54 am
مهـــــا كتب:
برجوازي كتب:
فالحضارة تريد أن تقنعنا بشعارات تغرينا للوهلة الأولى على نحو « أحبب قريبك كما تحب نفسك أو أحبب عدوك ! » .
في حين أنه ليس بامكاننا أن نغدق بالحب على أي شخص إلا بشروط نابعة من كون حبي ثمين.ولأحب هذا الغريب عني يجب أن يجتذبني وان يشبهني في وجوه مهمة فأحب فيه نفسي أو إن يكون مثلي الأعلى ولو أحببته دون توفر هذه الشروط لاقترفت ظلما لمن أحبهم لأن حبي لهم إيثار يزول إذا دخل فيه هذا الآخر الغريب و ينتج عن ذلك أن هذا الغريب ليس جديرا بالحب، بل يستأهل « العداء والكراهية ».
صدقت
شكرا لمرورك الكريم
برجوازي قلم جديد
عدد الرسائل : 36 تاريخ التسجيل : 16/11/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الأحد نوفمبر 30, 2008 1:55 am
نون2 كتب:
موضوع جدير بالتوقف والقراءة
لي عودة
في إنتظار العودة
برجوازي قلم جديد
عدد الرسائل : 36 تاريخ التسجيل : 16/11/2008
موضوع: رد: نرجسية الفروق الصغيرة الخميس ديسمبر 04, 2008 2:43 am
1st_top كتب:
صباح الخير
بصراحة موضوع يفتق الذهن
ويجعلنب اسبر اغواره وابحث عما يحتويه
وقد قرأت يوما ان للنرجسية انواع كثيرة، ومن تلك النرجسية نرجسية الرأي، أو بمعنى أدق: النرجسية المتمثلة في شدة الاعتداد بالرأي.
وهناك نماذج أخرى سأمر عليها وجه الإجمال لا التفصيل. وقد أقف مطولاً عند أهمها وأقول وأجري على الله: