1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: عام في العراق بول برايمر الجمعة ديسمبر 12, 2008 1:41 am | |
| عام قضيته في العراق
تأليف السفير الأمريكي: بول برايمر
نقله إلى العربيّة: عمر الأيوبي
أمضى السفير بول برايمر عاماً في العراق ممثّلاً للاحتلال الأمريكي ثمّ أصدر كتاباً تحت عنوان: عام قضيته في العراق، تضمّن تجربته وانطباعاته وإنجازاته، وبالرغم من أنّ المحتلين لايكشفون أسرارهم، ولا يفضحون مكائدهم، غير أنّ ما احتواه الكتاب من جرائم اقترفها ممثّل الاحتلال، جدير أن يحيط به كل مواطن في العراق أو الوطن العربي أو العالم الإسلامي يغار على دينه وأمته ووطنه.
برّ بوعده وسلّمني في 9 أيار/مايو رسالة تعييني مبعوثاً رئاسيّاً إلى العراق، ومنحني سلطة تامّة على موظّفي الحكومة الأمريكيّة وأنشطتها وأموالها هناك، وتبع رامسفيلد بتعييني مدير سلطة الائتلاف المؤقّتة، وتفويضي بكل الأعمال التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة في العراق.
لقد اجتاح الناهبون معامل الكهرباء، والمحطّات الفرعيّة لسرقة أدوات التحكّم والعدّدات، والأجهزة الألكترونيّة، كما أنّهم دمّروا أبراج نقل الكهرباء لسرقة الأسلاك النحاسيّة التي يذيبونها في سبائك، ويبيعونها في السوق السوداء في الكويت.
كانت أهداف أعمال السلب واسعة الانتشار، فقد سوّيت بالأرض المباني المرتبطة بالجيش، أو بأجهزة استخبارات صدّام المتعددة في كلّ أنحاء البلاد، لم يبق حجر على حجر في بعض الثكنات، ونهبت عشرات من المنشآت التي تملكها الدولة، لاسيما تلك العائدة إلى وزارة الصناعات العسكريّة، ولم يتبق منها سوى الجدران العارية، بل نهبت حتّى المواسير داخل الجدران ! ! (هذه أولى إنجازات الاحتلال)
لقد أصاب سوء التغذية في المقام الأوّل الأطفال الشيعة (علماً أنّ البطاقة التموينيّة لم يحرم منها أحد) المحرومين الذين عانت أسرهم من وطأة الاغتيالات والمذابح التي نفّذتها أجهزة الاستخبارات التابعة لصدّام حسين فضلاً عن الحرس الجمهوري، وغالباً ما حرمت الأسر الشيعيّة من بطاقات الحصص التموينيّة، لذا كان أطفالها يجوعون ويموتون (وهذه ثانية إنجازات الاحتلال ـ سوء التغذية، ودس طائفي كريه اعتماداً على معلومة لا أصل لها كما يعلم كل العراقيين)
درس رومان مارتنيز، وهو شاب أمريكي نشأ في نيويورك بجامعة هارفرد، وقد أمضى رومان أشهراً في مكتب الخطط الخاصّة في البنتاغون وهو يعمل على هيكل الحكومة العراقيّة الجديدة في سنة 2002، وهو يتميّز بفكر رشيق، ويعرف أمر اجتثاث البعث معرفة عميقة.
في 9 أيار/مايو أرسلت مذكرة إلى الوزير رامسفيلد ونائبه وولفورتز وغيرهما أوجز فيها بأنّ علينا حلّ جيش صدّام، بالإضافة إلى أجهزة أمنيّة عراقيّة.
أوضح لي القائدان الكرديّان جلال الطالباني ومسعود البرازاني بجلاء بأنّ الأكراد لن يقبلوا البتّة بصيغة تعيد تشكيل وحدات من الجيش العراقي السابق وتعيد تسليحها.
شجّع القادة الشيعة بمن فيهم آية الله العظمى السيستاني أتباعهم على التعاون مع الائتلاف منذ التحرير.
في يوم الجمعة 23/5/2003 وقّعت الأمر الثاني الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقّتة (حلّ الكيانات) وشملت هذه الكيانات وزارة الدفاع، وكلّ الوزارات ذات الصلة بالأمن الوطني، بما فيها الحرس الجمهوري، والحرس الجمهوري الخاص، وحزب البعث.
التمسنا المجنّدين العراقيين السابقين، لاسيّما في المنطقة الشيعيّة للعمل في برنامج الأشغال العامّة، ثمّ أعلن(سلوكومب) القائد العسكري بأنّنا نعتزم إنشاء جيش عراقي قوامه فرقة كاملة يبلغ عددها نحو 12 ألف جندي مدرّب خلال عام واحد، وثلاث فرق بعد ذلك بعام واحد.
بعد ذلك بأشهر فيما كنت أعدّ لمغادرة العراق أبلغني الزعيم الكردي جلال الطالباني بأنّ القرار السابق بحلّ الجيش القديم كان أفضل قرار اتخذه الائتلاف طول مدّة الأربعة عشر شهراً في العراق، وبعيد إصدار الأمر، زرت السيّد عبد العزيز الحكيم الشيعي أحد قادة المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة، وكنّا نأمل في اجتذاب بعض أفراد ميليشيا فيلق بدر التابع للحزب، والبالغ تعداده 10 آلاف رجل إلى الجيش العراقي الجديد.
قال الجعفري مردّداً التحذير الذي أثاره في أثناء الجلسة العاطفيّة مع مجموعة السبعة (الجعفري والحكيم والجادرجي والطالباني والبرازاني وأحمد الجلبي وإياد علاّوي): يعتقد البعثيّون أنّ بوسعهم استعادة السلطة، ويجب وقفهم، وطمأنت الجعفري: لن يسمح الائتلاف بعودة البعثيين إلى السيطرة على البلد.
قلت: دكتور جعفري، نأمل أن يتعاون القادة المسؤولون في الطائفة الشيعيّة مع هذا المسعى ـ العمليّة السياسيّة السريعة ـ ولا شكّ في أنّ ارتكاب الشيعة اليوم الخطأ نفسه الذي ارتكبوه سنة 1920 عدم تعاونهم مع الإنكليز يعد مأساة.
وبالمقابل تعاون العراقيّون العرب السنّة مع الاحتلال البريطاني، وبقوا الطائفة المميّزة، تحت حكم الملكيّة التي أنشأها البريطانيّون أوّلاً، ولاحقاً في أثناء النظام البعثي.
عبّر الحكيم عن سعادته بقرار اجتثاث البعث وحل الأجهزة الأمنيّة العراقيّة الكريهة.
في مقرّه بالسليمانيّة أبلغته ـ الطالباني ـ أنّنا مصمّمون على دعم إنشاء عراق فيدرالي، سرّ الطالباني لأنّ الائتلاف يوافق الآن على هذا الهدف الكردي القديم.
أبلغني البرزاني: أنّني أكره بغداد، لا أريد أن أضطر إلى العيش أو حتى السفر إلى هناك، ولكن إذا أصررت (يقول البرزاني لبريمر) سأوافق على العمل في المجلس ـ مجلس الحكم ـ على مضض.
للحديث وقراءة الكتاب بقية
تحياتي | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: عام في العراق بول برايمر الجمعة ديسمبر 12, 2008 1:42 am | |
| يقول بريمر: يفترض أن يحصل الشيعة على غالبيّة المجلس إذ يعتقد بأنّهم يشكّلون 60% من السكّان، والأكراد يطلبون تمثيلاً بنسبة 20% التي يشكلها السكّان الأكراد بالنسبة إلى العرب.
عقدت اجتماعاً آخر مطوّلاً مع الحكيم، أشار إلى أنّه سيتعاون إذا اطلع على اللائحة الإجماليّة لمجلس الحكم مسبقاً ... أدركت أنّه يريد أن يعرف عدد الشيعة لكي يتأكّد أنّهم سيكونون الغالبيّة.
كنت قد التقيت به ـ محمد بحر العلوم ـ عدّة مرّات ... كنّا بحاجة إلى شيعي آخر لمنحهم ـ الشيعة ـ الأغلبيّة في المجلس الذي يضمّ خمسة وعشرين عضواً.
تأمّل بحر العلوم برهة ـ وكان متردّداً في الانضمام إلى مجلس الحكم ثمّ سأل رافعاً إصبعه ثانية: ماذا لو أوصى المجلس بآليّة لكتابة الدستور تتعارض مع فتوى السيستاني ؟ أين أكون عندئذ ؟ رددت بأنّ أفضل طريقة كضمان الامتثال إلى الفتوى هي العمل في المجلس.
ردّدت ما كنت أقوله لآخر مرّة ـ يقول بريمر لمحمد بحر العلوم ـ: إنّها نقطة انعطاف في تاريخ العراق ... ويجب ألاّ يرتكب الشيعة الأخطاء المأساويّة التي ارتكبوها عام 1920 ـ أي مقاومة الإنكليز وتمكين السنّة من حكم العراق ـ (هذا التحريض كرّره بريمر مراراً في كتابه).
اختار أعضاء مجلس الحكم السيّد بحر العلوم آخر اتلداخلين إلى المجلس ناطقاً رسميّاً باسمهم، احتراماً لسنّه، على الرغم من أنّ عدنان الباجه جي أكبر سنّاً من بحر العلوم، لكنّ الباجه جي سنّي.
قلت الرئيس بوش بعد تفجير مقر الأمم المتحدة: سيّدي الرئيس، أقترح أن تلقي خطاباً رئيسيّاً إلى الأمّة بعد عيد العمل تحدّد فيه رؤيتك عن العراق، بعد عدّة ساعات اتصلت رايس لتسأل عمّا تستطيع أن تفعله للمساعدة، أنا وكولن مقتنعان بأنّ العراق أصبح مسرحاً حاسماً في الحرب على الإرهاب، وإنّنا إذا انتصرنا في العراق، فإنّ بالإمكان إلحاق الهزيمة بالإرهاب الإسلامي ! !
رحّب بي وزير العدل هاشم الشلبي في مكتبه وقال: لكنّني بحاجة إلى فصل إدارة المحاكم عن الحكومة، جاعلاً كبير القضاة مستقلاً في وزارته ... سررت لذلك ... لإنشاء نظام قضائي مستقل، وختم الوزير الاجتماع بالقول: أرجو أن تتذكّر يا سعادة السفير بريمر: إنّنا نتطلّع إلى الولايات المتحدة في بناء عراق جديد، وإذا نجح العراق فستتهاوى الأنظمة العربيّة في المنطقة.
كنّا نتبادل أنا والسيستاني رسائل منتظمة بشأن الوضع الأمني في النجف، وبين تموز/يوليو وأواسط أيلول/سبتمبر فقط تبادلت أكثر من عشر رسائل مع آية الله، وعبّر السيستاني بشكل متكرّر عن امتنانه الشخصي لكلّ ما فعله الائتلاف من أجل الشيعة والعراق.
وفي مسعى لفتح قناة اتصال غير مباشرة أخرى مع السيستاني، اصطحبت وزير الخارجيّة باول إلى عشاء في منزل آية الله حسين الصدر، أرفع رجل دين شيعي في بغداد، وهو من المناوئين الشجعان لصدّام، وقد وضع رهن الإقامة الجبريّة في منزله عدّة سنوات ... وقد تأثّرت كثيراً بروحانيته وشجاعته ! !
وكما وعدت عبد العزيز الحكيم في أيار/مايو كان قائد الكتيبة الأولى (في جيش العراق الجديد) شيعيّاً.
فقد قدّم المنفيّون في المؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه أحمد الشلبي بعض المعلومات الاستخباريّة قبل الحرب إلى مكتب وزير الدفاع عن أسلحة الدمار الشامل.
قال موفق الربيعي: سعادة السفير: تخلفت عن الوفد أمس لتسليم رسالتك لآية الله السيستاني بشأن العمليّة السياسيّة.
كان الربيعي ـ وهو طبيب متعلّم في بريطانيا ـ يحظى برعاية آية الله البارز في بغداد حسين الصدر، أحد قنوات رسائلي إلى السيستاني بشأن المسؤوليّة المشتركة عن إيجاد سبيل للتقدّم السياسي إلى الأمام، وقد طلبت من الربيعي نقل رسالة إلى السيستاني بشأن المسؤوليّة المشتركة في إيجاد طريقة لكي يكتب العراقيّون دستورهم بأسرع ما يمكن.
أبلغت الجعفري مثلما فعلت في مكتبه الشديد الحرّ في كربلاء في أيار/مايو أنّ على الشيعة أن لا يكرّروا الخطأ الكارثي الذي ارتكبوه في العشرينات، وهو ما أبعدهم عن السلطة ثمانين عاما. (ما فتئ يكرّر هذا التحريض)
يتبع
تحياتي | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: عام في العراق بول برايمر الجمعة ديسمبر 12, 2008 1:43 am | |
| عندما طرحت فكرة الدستور المؤقّت على الباجه جي تلقفها ووافق على عرضها على مجلس الحكم بأكمله على أنّها فكرته.
في الليلة التالية في منزل الطالباني، أبلغني الزعيم الكردي أنّ الباجه جي طلع بفكرة وضع دستور مؤقّت في اجتماع مجلس الحكم هذا الصباح، اضطررت لأكتم ابتسامتي، فقد تبنّى الباجه جي خطّة سلطة الائتلاف المؤقّته على أنّها فكرته، والآن يصدّق الطالباني على فكرة الباجه جي.
قال كولن باول في مخابرة هاتفيّة: عليك أن تحصل على مباركة السيستاني، أرسل أحدهم إلى النجف، أو توجّه إليه بنفسك إذا دعت الضرورة، لا يمكن أن أطلب من حكومتي المصادقة على مسار بدون بعض الضمانات بأنّ النجف (السيستاني) موافق عليه.
ويستثمر بريمر الورقة الطائفيّة بصورة مقزّزة ومرعبة فيقول: في زيارة لي إلى واشنطن قلت أمام الرئيس بوش: المشكلة الأساسيّة بالنسبة إليهم ـ السنّة ـ هي احتمال انتقام الشيعة ممّا فعله السنّة بهم منذ ألف سنة ! !
ويمنح مندوب الاحتلال بريمر السيستاني حق الفيتو تجاه كلّ السياسات التي مارسها المحتلون فيقول: عندما عدت إلى بغداد حصلنا على الأنباء السارّة بأنّ العضو القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة في العراق الدكتور عادل عبد المهدي سافر إلى النجف في 13/11/2003، بطلب من طالباني، وقد أخبرني طالباني بأنّ عادلاً أطلع آية الله السيستاني على العمليّة الجديدة، وأنّ السيستاني وافق عليها.
وفي ص 307 من الكتاب يدّعي بريمر أنّ الأمريكان جاءوا لتخليص الشيعة من اضطهاد البعث لهم ! ! متناسين ومتجاهلين هيمنة الشيعة على المراكز الحسّاسة في البعث، حيث كان ثلثا رؤساء الفروع الحزبيّة من الشيعة، ويقول: إنّ الشيعة في العراق عانوا منذ مدّة طويلة من الأنظمة الظالمة والمستبدّة، ويجب أن يتوقف هذا التاريخ الآن.
ويتابع بريمر الحديث عن الدستور الدائم فيقول: في 2/12/2003 أرسلت رسالة أخرى إلى السيستاني تؤكّد على هدفنا المشترك بأن يكتب العراقيّون الدستور الدائم، وشدّدت ثانية على أنّ الدستور المؤقّت سيحترم الهويّة الإسلاميّة لغالبيّة الشعب العراقي (أي للشيعة).
ويبدي حرصه على انخراط الشيعة في الجيش والأمن فيقول: نحن نريد سحب أكبر عدد ممكن من فيلق بدر وإعادة تدريبهم، ونرغب في انخراط أعداد كبيرة منهم من فيلق بدر، وإعادة تدريبهم، ونرغب في انخراط أعداد كبيرة منهم كأفراد في الأجهزة الأمنيّة العراقيّة.
وينقل بريمر عن جريدة صنداي تلغراف البريطانيّة شيئاً من الحوار الذي أجراه مراسلها مع أحمد الجلبي، حيث استبعد دون اكتراث أن يكون المؤتمر الوطني قدّم للحكومة الأمريكيّة معلومات استخباراتيّة مزيّفة عن أسلحة الدمار الشامل عندما قال: نحن أبطال الخطأ، وفيما يتعلّق بنا كنّا ناجحين تماماً، فقد أزيح الطاغية، وهاهم الأمريكيّون في بغداد، وما قيل قبل ذلك غير مهم، إنّ إدارة بوش تبحث عن كبش محرقة، ونحن على استعداد لمواجهته إذا أراد ذلك.
واعترف بريمر بوجود عقبات في طريق صياغة دستور مؤقّت فيقول: كانت هناك بعض المشكلات ولا سيّما في المادة السابعة الخاصّة بدور الإسلام، وقد أقنعت محسن عبد الحميد بأن نتجاوز هذه المادّة في الجولة الأولى، على أمل أن يؤدّي الاتفاق على المواد اللاحقة إلى بناء زخم للتسوية بشأن هذه القضيّة الأكثر حساسيّة.
ويخلص إلى القول بأن الأكراد قد تخلّوا عن السنّة في العراق قائلاً: اتضح أنّ الأكرد سيدعمون النص الشيعي بشأن الإسلام، تاركين السنّة منعزلين، وأبلغ الربيعي الجماعة أنّه لن يغيّر كلمة في النص، لأنّه حظي بموافقة السيستاني.
ويبدي حرصه على اتفاق جميع الأطرف فيقول: شعرت انّ النقاش أخذ مداه، وبإمكانيّة الوصول إلى اتفاق بين السنّة والشيعة عندما أوصى أحد السنّة بإضافة إشارة إلى القيم الديمقراطيّة في المادّة السابعة، فاقترحت على محسن عبد الحميد أن يدعو إلى استراحة، ثمّ أخذت الربيعي جانباً لأوصيه بأن يقترح إضافتها إلى نص الإسلام الذي يشير إلى المبادئ الديمقراطيّة، فوافق الربيعي، وهكذا عاد مجلس الحكم إلى الانعقاد منتصف الليل بقليل، فطلبت من محسن أن يدعو الربيعي للكلام، فاقترح تعديل النص بحيث لايمكن سنّ قانون يتناقض مع المعتقدات العامّة للإسلام أو مبادئ الديمقراطيّة، فما كان مني إلاّ أن حثثت الجميع على تبني التعديل الذي طرحه الربيعي.
في الصفحة 377 يفصح بريمر عن نهج ضباط الاحتلال في التعامل مع العراقيين والذي يتطابق مع نهجه إلى حد كبير فيقول: كان كولواي ضابط مارينز مثاليّاً، نحيفاً وذكيّاً ومقداماً، وعندما سألته عن نواياه قال: إنّه يعتزم أن يظهر للعراقيين سعفة النخل والمطرقة على السواء، وتلك رطانة المارينز التي تقابل نهج العصا والجزرة الذي أحبذه للتعامل مع المثلّث السنّي، فالناس على وشك أن يتعلّموا منّي شعار قوّات المارينز: الصديق الأفضل والعدو الألد.
ويتابع بريمر عزفه على الوتر الطائفي بمناسبة وغير مناسبة فيقول: زرت أنا وديك جونز آية الله حسين الصدر في 4/45/2004 لتحذيره من مخاطر مهاجمة القانون الإداري الانتقالي ـ الدستور المؤقّت ـ وكنت أعلم أنّه على اتصال وثيق مع المرجعيّة في النجف، وأمّلت أن يقنع السيستاني، سألته وأنا جالس في مكتبته العامرة بالكتب: إذا تمكّن آية الله السيستاني من إسقاط مصداقيّة الدستور المؤقّت فأين سيترك ذلك الشيعة والعراق ؟ حدّق فيّ رجل الدين العالم من فوق إطار نظّارته، لكنّه لم يعدم إجابة مباشرة، قلت أرجو أن تتذكّر دروس العام 1920 ... لقد انتظر شعبكم أكثر من ثمانين عاماً، وأخيراً قال: لقد انتظرنا قروناً يا سعادة السفير.
ويروي خلال أحداث النجف أنّ وزير العدل رأى أنّ علينا إيجاد طريقة لعرض بادرة حسنة تجاه مقتدى الصدر، بتقديم تنازلات، ورأى علي علاّوي وزير الدفاع أنّ التمرّد السنّي هو التهديد الاستراتيجي الطاغي، ورأى عدد من الوزراء بأنّ مقتدى يريد أن يشرك في الحكومة، وأنّه لا يشكّل تهديداً استراتيجيّاً على استقرار العراق.
وعلى الجبهة الداخليّة عاد الأخضر الإبراهيمي وفريق الأمم المتحدة إلى العراق في الأسبوع الأوّل من أيار/مايو 2004، لبدء العمل معنا على انتقاء الحكومة المؤقّته، واصل الشيعة تذمرهم من تولي سنّي علماني هذه السلطة (ويقصد عدنان الباجه جي).
وقال: الهدف الرئيسي للائتلاف هو استخدام تعيين الحكومة الجديدة من أجل توسيع قاعدتها، وخصوصاً عبر ضمّ مزيد من السنّة، ومزيد من الشخصيّات من المحافظات، مع أخذ مقتضيات الأغلبيّة الشيعيّة في الحسبان.
يتبع
تحياتي | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: عام في العراق بول برايمر الجمعة ديسمبر 12, 2008 1:46 am | |
| في الصفحة 488 يروي بريمر ما جرى بينه وبين غونزليزا رايس ونائبها عبر الهاتف، ويعترف لها بفشل وعجز قوّات الاحتلال، قلت: إنّ تآكل الدعم المخصّص للائتلاف تسارع في الشهور الأخيرة .... والسبب ببساطة عائد إلى تزايد هجمات المتمرّدين، لذا فإنّ الرسالة الموجّهة إلى معظم العراقيين هي أنّ الائتلاف لا يمكنه أن يوفّر لهم الخدمة الحكوميّة الأساسيّة: الأمن، لقد أصبحنا في أسوأ حال.
في هذه الأثناء كنّا لانزال نحاول حلّ مشكلة العثور على رئيس للدولة ورئيس للوزراء يتمتّعات بالقدرة على الحسم في التعامل مع التمرّد، ويكونان مقبولين لدى غالبيّة عناصر المجتمع العراقي ـ الشيعة ـ كان عدنان الباجه جي صاحب الحظ الأوفر في تولي منصب الرئيس، وهو رجل الدولة السنّي المسن، الذي لعب دوراً حاسماً في أثناء وضع القانون الإداري الانتقالي ـ الدستور المؤقّت ـ ومع أنّه لم يكن محبوباً من الشيعة والأكراد فقد كان متوقّعاً أن يحظى بالقبول بوصفه السياسي السني البارع في مجلس الحكم، لقد تبيّن أنّ مسألة تعيين رئيس للوزراء هي الأكثر تعقيداً، فقد رشّح الإبراهيمي في البداية حسين الشهرستاني، وهو عالم ذرّة شيعي ترأس لجنة الطاقة الذريّة العراقيّة حتى عام 1979. (ومن الجدير بالذكر أنّ الشهرستاني اتصل بالأمريكان بعد أن هرب عن طريق الشمال وأخبرهم عن المواقع السريّة تحت الأرض الخاصّة بلجنة الطاقة الذريّة، وأدى ذلك إلى تدميرها كلّها).
وأضاف بريمر: تبيّن أنّ الشهرستاني شيعي منغلق، ثمّ إنّه صدمنا بقوله بأنّه والسيستاني متّفقان على ضرورة أن تتولّى شخصيّة سنيّة رئاسة الوزراء، وستكون المهمّة شديدة الصعوبة على أيّ كان، وسيفشل كل من سيتولّى هذا المنصب على الأرجح، لذا فليكن الفاشل واحداً من السنّة.
قلت بصراحة بالغة ـ والعبارة لبريمر ـ هذا ينمّ عن قصر نظر، ويحمل في طيّاته مخاطر تكرار الخطأ المأساوي الذي ارتكبه الشيعة في العشرينات من القرن الماضي، عندما فضّلوا الابتعاد عن العمليّة السياسيّة، وجلبوا على أنفسهم ثمانين عاماً من المنفى الداخلي.
(هذه اللازمة التي يلوكها ويكررها ويؤكّد عليها ويعزف على وترها بريمر مذ وطأت قدماه أرض الرافدين وحتى غادرها).
وينقل بريمر عن الرئيس بوش قوله يوم 19/5/2004 في اجتماع مجلس الأمن القومي رداً على برامسفيلد الذي قال: يجب أن يكون لدينا رئيس وزراء كالصخر.
أجاب الرئيس بصراحة: إنّني أشعر بمزيد من الراحة عندما أعرف أنّ الرجل يتحلّى بالشجاعة وليس ضعيفاً، وبصرف النظر عمن هو، ينبغي أن يكون قائداً، ماذا تقترح يا بريمر أن نفعل إذا قرّرنا عدم المضي قدماً مع الشهرستاني ؟
كان جوابي: نتحوّل إلى إياد علاّوي على الأرجح، بالرغم من أنّه توجد شكوك جديّة في أن يكون مقبولاً لدى السيستاني.
ويقول: جاءني علاّوي للتباحث معي في القضايا السياسيّة، قلت له: نحن نرغب في أن تكون وزيراً للدفاع، أجابني بالقول: إنّني لن أعمل تحت رئاسة الشهرستاني، قلت: لماذا ؟
قال: إنّني لن أعمل تحت رئاسته، لأنّه قريب جداً من الإيرانيين .
وفي ص 460 يتحدث بريمر عن اجتماع مجلس الحكم الذي شارك فيه يوم 26/5/2004 حيث خاطب الحضور قائلاً: على مجلس الحكم أن يحلّ نفسه قبل يوم من تولي الحكومة الجديدة السلطة، وسيكون هذا الانتقال السلمي للسلطة بمثابة برهان دائم على احترام المجلس للمبادئ الديمقراطيّة.
وأضاف: ولتلطيف حدّة الاقتراح، سارعت إلى القول: إنّه ينبغي أن يكون العراق قادراً على الاستمرار في الاستفادة من خبرات أعضاء مجلس الحكم، ولذلك اقترحنا: أن يصبح الأعضاء الذين لن ينضمّوا إلى الحكومة الجديدة أعضاء في المجلس الاستشاري الوطني الذي سيلتئم في تموز/يوليو بصورة تلقائيّة، كما أنّهم سيستمرّون في تقاضي رواتبهم، والبقاء في منازلهم، واستخدام سياراتهم ومفارزهم الأمنيّة الشخصيّة إلى حين إجراء الإنتخابات في كانون الثاني/يناير.
ثم يقول: فهمنا أنّ الجلبي كان يعمل مع بحر العلوم على إقناع الشيعة بمقاطعة الحكومة المؤقّته إذا لم تفلح جهودهما(في اختيار القائمة التي يريدون، وقد عقد البيت الشيعي لهذا العرض اجتماعاً لاختيار قائمة مرشّحيه) وهكذا نرى الجلبي الغربي العلماني ينطلق من مفهوم شيعي طائفي.
قال البرزاني باستهزاء: إنّهما: ـ الجلبي وبحر العلوم ـ يتحرّكان بوحي من إيران، وكان يظهر بذلك مجدّداً عدم ثقته برجال الدين الشيعة، ثم قال بصلابة: إذا أصرّ الشيعة على مرشّح إسلامي ـ شيعي ـ فسوف يعيد الأكراد تقييم موقفهم.
في الأسابيع التالية التقينا أكثر من ثلاثين مرّة، وكانت لقاءاتنا تنقسم في العادة إلى قسمين: نناقش في القسم الأوّل معلومات موجزة يعدّها مستشار رفيع المستوى ـ من أعوان بريمر ـ وتتناول موضوعات متعلقة بالنفط والكهرباء ... الخ. وأناقش في القسم الباقي مع علاّوي على حدة المسائل الأكثر خصوصيّة.
تطلّب وداعي لآية الله حسين الصدر في بغداد اتخاذ أقصى التدابير الأمنيّة، واصرّ غالاغر ـ المسؤول الأمني ـ على عدم زيارتي منزله ليلاً مرّة أخرى، وعلّل فرانك ذلك بالقول: ألقيت علينا قنبلة يدويّة في أثناء زيارتك الأخيرة له لتناول العشاء.
رتّب موعد زيارة رجال الدين وقت الغذاء، استخدم رجل الأمن في هذه المرّة سبع عشرة عربة همر إضافيّة لحماية الطريق الذي ستسلكه قافلتنا، وأمر بأن تحلّق مروحيّات بلاك ووتر الثلاث، كل منها مزوّد براميين فوق موكبنا مباشرة، واتفق مع الجيش على أن تحلّق بضع مروحيّات من طراز أباشي على جانبينا، وبضع طائرات قاذفة من طراز إف ـ 16 لتوفير غطاء فوقي، ولم يكن ذلك أفضل طريقة لوداع صديق هادئ ورزين.
رحّب بي الشيخ بحرارة في مكتبه المليئ بالكتب، ثمّ على مائدة الغذاء، نظر آية الله في عيني وقال: بأنّ التحرير يعني الكثير بالنسبة إليه، ففي عهد صدّام غالباً ما كانت المخابرات تداهم منزله ليلاً، وتأخذه بعيداً لإخضاعه للاستجواب والتعذيب !! (المعلومات والمشاهدات المباشرة تشير إلى عكس ذلك تماماً)
يتابع بريمر سرد ذكرياته في العراق فيذكر أحداث يوم الأحد 19/6/2004 فيقول: حان الوقت لأقول وداعاً للكثير من السيّدات العراقيّات اللاتي عملن معي في السنة الماضية في الدفاع عن حقوق المرأة، واستضفت على مائدة غداء أعدّت لهذا الغرض ممثّلات عن أكثر المجموعات النسائيّة أهميّة في العراق، والوزيرات في الحكومة الجديدة، ونائبات الوزراء، حيث أعربن عن تقديرهنّ لما قمنا به من عمل، وكنّ مسرورات على وجه الخصوص للحصّة التي حصلن عليها من المقاعد في البرلمان الذي سينتخب في كانون الثاني/يناير 2005، والتي تبلغ 25% . (لا توجد هذه النسبة في أي من البلاد المسيحيّة والعبريّة والوثنيّة).
يتبع
تحياتي | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: عام في العراق بول برايمر الجمعة ديسمبر 12, 2008 1:47 am | |
| وقت متأخّر من بعد الظهر في 23/6/2004 عقد لقاء خاص مع رئيس الوزراء اتفقنا على محاولة نقل السيادة يوم 28/6/2004 شريطة استقرار الوضع الأمني، لكنّ اليوم التالي بدأ بسقوط أربع قذائف هاون عند الساعة 5،45 صباحاً، أدّت إحداها إلى مقتل عامل عراقي داخل فناء القصر، وتردّد صدى الانفجارات في المنطقة الخضراء بأكملها.
بعد انتهاء الاجتماع ذهبت لوداع الدكتور السيّد محمد بحر العلوم في مكتبه، وهناك وجدت الشيخ المعمّم المفعم بالحيويّة ذا اللحية البيضاء في مزاج مرح، قال لي وهو يضحك: شعرك اليوم أكثر بياضاً منه عندما وصلت قبل سنة من الآن يا سعادة السفير.
ظلّ الأمن في المرحلة التي تسبق تاريخ نقل السيادة المبكّر الذي خطّطنا له هاجساً، ففي يوم الجمعة 25/6/2004 استيقظت مجدّداً على صوت مدوّ يقول: احتموا احتمو، وبعد عدّة ثوان كنت أركض نحو الملجأ في الفيللا حافي القدمين، عندما سقطت قذيفة هاون ثقيلة في محيط المنطقة الخضراء.
كنت قد نمت للتوّ يوم الأحد 26/6/2004 عندما سقطت أولى قذائف الهاون بالقرب من المنطقة الخضراء لليوم الثالث على التوالي، أسرعت إلى الممر، ونظرت إلى ميناء ساعتي المضيء، تجاوزت الساعة منتصف الليل بخمس دقائق.
كانت الهجمات علامات على الأرجح على الأمور التي تحدث في المستقبل.
توجّهت وديفد ريتشموند ـ أحد معاونيه ـ برفقة علاّوي وغازي الياور إلى السيارة، وودّعنا بعضنا، وعندما قلت للعلاّوي: أصبح بلدكم في عهدتكم، إنّه الآن بين يديك، اعتن به جيّداً، وداعاً للمدنيين والعسكريين الذين كانوا متجمهرين هناك، صافحنا جميع الحاضرين، ثمّ توجهنا نحو المدخل المكسو بالرخام للمرّة الأخيرة، واستقليت سيارتي في رحلة قصيرة إلى مهبط الطائرات ، كان الجيش قد أحضر طائرتين عموديّتين من طراز شينوك لنقل الطاقم الصحافي والمساعدين والأمتعة، وأرسل رئيس الوزراء علاّوي نائب رئيس الوزراء لوداعي، وللمرّة الأخيرة، وفي ظلّ الطقس الحار في صيف بغداد حطّت الطائرتان خلف العديد من طائرات سي ـ 130 المموّهة، والتي كان من المقرّر أن تنقلني إحداها إلى خارج العراق.
ركب برايمر طائرة سي 130، فسارت به 40 متراً باتجاه طائرة شينوك منتظرة، أقلعت طائرة شينوك بنا على الفور، وحلّقتا لمدّة خمس دقائق في اتجاه ناحية أخرى من المطار حيث نزلنا من الطائرة لنصعد على الفور إلى طائرة نفّاثة صغيرة أرسلتها الحكومة الأمريكيّة، نظرت إلى العراق نظرة أخيرة، ثمّ غادرت المطار.
وهكذا انتقل بريمر من المنطقة الخضراء بطيّارة عموديّة إلى المطار، ومنها إلى طائرة سي 130، ومنها إلى طيارة شينوك، ومنها إلى طائرة نفّاثة. (ضماناً لأمنه المفقود).
انتهى اليتبع ، وبقي تمتعوا بالقراءة
تحياتي | |
|