عشق المرقش ألم وموت المرقش الأكبر هو عوف أو "عمرو" بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس من بني بكر بن وائل،
احد شعراء العصر الجاهلي، وشاعر من الطبقة الأولى، والمرقش الأكبر
هو عم "المرقش الأصغر" ربيعة بن سفيان، ولد باليمن ونشأ بالعراق
واتصل بالحارث بن أبي شمر الغساني وعمل ككاتب له، جاءت وفاته
عام 72ق – 552م، يرجع لقب "المرقش" الذي لقب به نظراً لبيت شعر قال فيه:
الدَّارُ قَفْرٌ والرُّسُومُ كَما رَقَّشَ في ظَهْرِ الأَدِيمِ قَلَمْ قصة حبه
عشق المرقش ابنة عمه أسماء وهام بها ولعاً، فقام بالتقدم لخطبتها من أبيها
وكان رد الوالد قاسياً فقال له لا أزوجك بها حتى تعرف بالبأس وتغدو رئيسا،
سارع المرقش في تحقيق طلب العم من أجل أن يفوز بحبيبته،
فقصد بلاط الحيرة وقام بمدح ملكها فأجازه، وأثناء ذلك تعرض
عمه لأزمة شديدة وأصابه الفقر، وصادف أن مر عليهم رجل
على قدر من الثراء فقام بتزويجه من أبنته، وأخذ مهر قدره مائة من الإبل،
ولما عاد المرقش وسأل عن الفتاه أخبروه أنها ماتت، وقام أخوته
بذبح كبش ولفوا عظامه في ملحفة ثم دفنوها ليوهموه بأنها عظام أسماء،
ولكن علم المرقش بكذبتهم، وان الفتاة قد تزوجت بغيره.
تألم المرقش لفراق محبوته أسماء، وأنشد القصائد التي عبر فيها عن ألامه وحزنه لفراقها مما قاله:
أَغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبابَةً
وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالبُهْ
يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه
كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ
أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء قد نأى
بِغَمْزٍ من الواشين وازوَرَّ جانبُهْ
وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً
وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ
إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني
يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ أصاب المرقش الأكبر المرض من كثرة الألم لفراق حبيبته وعقد العزم على شد الرحال إلى ديارها،
فأستأجر أشخاص ليكونوا معه في سفره، وما لبث أن اشتد المرض بالمرقش
وهو في طريقه فقام الأشخاص الذين استأجرهم بالتخلي عنه وتركه والرحيل دونه،
فقام المرقش بسرد أبيات مؤلمة قال فيها:
يا صاحِبيَّ تَلَوَّما لا تَعْجَلا
إنَّ الرَّحيلَ رَهِينُ أَنْ لا تَعْذُلا
فَلَعَلَّ بُطْأَكُما يُفَرِّطُ سَيّئاً
أَوْ يَسْبِقُ الإِسْراعُ سَيْباً مُقْبِلا
يا راكِباً إِما عَرَضْتَ فَبَلَّغْنْ
أَنَسَ بْنَ سَعْدٍ إنْ لَقِيتَ وحَرْمَلا
للّهِ دَرُّكُما ودَرُّ أَبِيكُما
إنْ أَفْلَتَ الغُفَلِيُّ حتَّى يُقْتَلا
منْ مُبْلِغُ الأَقْوامِ أَنَّ مُرقَّشاً
أَمْسى على الأَصْحابِ عِبئاً مُثْقِلا
ذَهَبَ السِّباعُ بِأنْفِهِ فَتَرَكْنَهُ
أَعْثى عَلَيْهِ بِالجِبالِ وجَيْئَلا
وكأنَّما تَرِدُ السِّباعُ بِشِلْوهِ
إذْ غابَ جَمْعُ بَني ضُبَيْعَةَ مَنْهلا وعلى الرغم مما عاناه المرقش الأكبر في سبيل الذهاب إلى حبيبته
إلا أنه تمكن من الوصول إليها في النهاية، لتسطر رؤيته لها كلمة النهاية
في هذه القصة الحزينة وقال لها قبل وفاته هذه الأبيات:
سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى
فأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ
فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ
وأَرْقُبُ أَهْلَها وهُمُ بعيدُ
عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ
يُشَبُّ لها بذِي الأَرْطى وَقُودُ
حَوالَيْها مَهاً جُمُّ التَّراقي
وأَرْآمٌ وغِزْلانٌ رُقُودُ
نَواعِمُ لا تُعالِجُ بُؤْسَ عَيْشٍ
أَوانِسُ لا تُراحُ وَلا تَرُودُ
يَزُحْنَ مَعاً بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً
عليهنَّ المَجاسِدُ والبُرُودُ
سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخرى
وقُطِّعَتِ المواثِقُ والعُهُودُ
فَما بالي أَفِي ويُخانُ عَهْدِي
وما بالي أُصادُ وَلا أَصِيدُ
ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّيْنَ بِكْرٍ
مُنَعَّمَةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ
وذُو أُشْرٍ شَتِيتُ النَّبْتِ عَذْبٌ
نَقِيُّ اللَّوْنِ بَرَّاقٌ بَرُودُ
لَهوْتُ بها زَماناً مِن شَبابي
وزارَتْها النَّجائِبُ والقَصِيدُ
أُناسٌ كلَّما أَخْلَقْتُ وَصْلاً
عَنانِي منهُمُ وَصْلٌ جَدِيدُ