1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: شر البلية ما يضحك - من الصحافة المغربية الأحد نوفمبر 09, 2008 2:07 am | |
| بالمحاذاة مع الباب الرئيسي لقاعة الجلسات بالمحكمة.
كانت المرأة وابنتها الشابة، التي كانت ترتدي سروال جينز وسترة ضيقة، داهشتين أمام الكم الهائل من الحاضرين، الذين ملأوا القاعة عن آخرها، وكانت النساء كالعادة أكثرهن، ومن مختلف الأعمار، إذ لم تكفيهن الكراسي الخشبية الطويلة التي تؤثت فضاء قاعة الجلسات، بل تجاوزنها لينشرن العلب الكرتونية والمناديل في بهو القاعة والجلوس بزوياها الفارغة، التي لا تقع تحت أنظار رئيس الجلسة، ليجلسوا عليها إلى جانب أطفالهم الصغار أيضا.
أما رجال الأمن، المكلفين بالحراسة داخل القاعة، فيبدو من ملامح وجوههم المتجهمة وعيونهم الحدقة بهؤلاء النساء، أن أمرهم غلب في الحديث معهم وأمرهم بالخروج من القاعة، لأن ما يفعلنه لا يليق باحترام القاعة، قبل أن يسمح لبعض المسنات منهن بالجلوس في انتظار محاكمة أبنائهن أو أحفادهن، خاصة أنهن لا يكفن عن رفع أيديهن للسماء لتوزيع الدعوات عليهم بالخير.
كانت المرأة وابنتها مرتبكتين كثيرا، وكأنها المرة الأولى التي تحضران فيها إلى المحكمة، كانتا تنزويان بمفردهما إلى جانب القاعة، فيما كانت الفتاة تلج وتخرج منها بين الفينة والأخرى، لتعرف إن دخلت هيئة الحكم أم لا، وتتبادل الحديث مع والدتها بشكل خافت.
أحضر رجال الأمن المتهمين الموجودين في حالة اعتقال، كان هذا اليوم على غير العادة، فقد كان هناك العديد من المتهمين الذين سينظر القاضي في ملفاتهم، كانوا جميعا شبابا في مقتبل العمر، ومنهم من تجاوز 17 عاما بسنة أو سنتين، يرتدون ألبسة رياضية أو أزياء عسكرية، ويخلقون رؤوسهم بشكل غريب، ومنهم من ارتسمت على خده أو رقبته أو يديه علامات الضرب والجرح، التي تنتج عن التعاطي للمخدرات وحمل السلاح الأبيض.
كان يجلس بين هؤلاء الشباب، رجل في الخمسينات من العمر، اعتلى رأسه الشعر الأبيض، وضع يديه على فمه وهو يلتفت بعينيه يمينا ويسارا، وينظر إلى ما حوله، من متهمين ومتقاضين وحاضرين، وكانت تجلس خلف المعتقلين من الرجال، مجموعة من النساء، اللواتي سيمثلن أمام القاضي، وكانت من بينهن امرأة جاوزت بدورها الخمسين عاما، تعاني إعاقة جسدية، وتخفي جانبا من وجهها بمنديلها الذي تضعه على رأسها.
عندما لاحظت الفتاة دخول الرجل والمرأة المعاقة بين المتهمين، سارعت لتخبر والدتها، وولجتا معا إلى قاعة المحكمة، واتخذتا مكانهما بين باقي النساء بصعوبة شديدة، في انتظار انطلاق الجلسة.
بعد حوالي 20 دقيقة، دخلت هيئة الحكم، وبعد أن أعلن رئيسها افتتاحها باسم جلالة الملك، شرع في المناداة على أول ملف بين يديه، يتعلق بالخيانة الزوجية، كان المتهمون فيه المرأة المعاقة والرجل، بعد أن ضبطا من طرف زوجته التي كانت ترافق ابنتها، في حالة تلبس بخيانتهما.
نادى القاضي على أطراف الدعوى الثلاثة، وقف الرجل المتهم وزوجته أمام منصة الحكم، فيما وقفت المرأة المعاقة المتهمة أيضا، لكن بصعوبة وبعد مساعدة من أحد رجال الأمن. سكت جميع الحاضرين وهم يراقبون مجريات المحاكمة، ليفهم الكل أن المتهم ضبط بخيانته لزوجته الجميلة مع عشيقته المعاقة.
سرد القاضي على الرجل المتهم بالخيانة، التهمة الموجهة إليه، قبل أن يوجه له السؤال عن سبب خيانته لزوجته.
صمت الرجل طويلا وهو يلتفت نحو زوجته، ولم ينبس ببنت شفة، أما القاضي فبدا عليه الغضب وهو يكرر سؤاله دون أن يجد إجابة من المتهم.
ثم خاطبه القاضي بنبرة حادة، وسأله "واش كنتي كتخون مرتك مع هادي (في إشارة إلى عشيقته)؟، فهز رأسه مرتين مؤكدا التهمة الموجهة له.
أما عشيقته، فكانت أكثر جرأة منه، وهي تجيب عن أسئلة القاضي، وتؤكد معرفتها بالمتهم، وأنها تعيش معه قصة حب منذ فترة، دون أن تعرف أنه رجل متزوج.
وعند سؤال زوجة المتهم، المطالبة بالحق المدني، أجابت وهي تتحدث بحرقة وبأعلى صوتها، أنها لحد اليوم تجهل السبب الرئيسي لخيانة زوجها، وقالت "راني مامضيعاه فوالوا، وأنا مانقصني لا رجل لا يد ومعرفتوش علاش تصاحب مع هاد السيدة..."، فضحك الجميع من كلام المرأة المكلومة، حتى القاضي لم يتمكن من إخفاء ابتسامته، قبل أن يضرب بيده على منصة الحكم، ويأمر الجميع بالتزام الهدوء والصمت داخل القاعة.
تدخل دفاع المتهم، ليطلب من رئيس الجلسة السماح له بالجلوس لأنه يشعر بالتعب، لكن القاضي، سمح أيضا لعشيقته وزوجته بالجلوس، بعد أن اعتبر القضية جاهزة للمناقشة . | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: القضية الثانية ، مفضلا العيش وراء القضبان على حياة الشارع الأحد نوفمبر 09, 2008 2:10 am | |
| كانت قاعة المحكمة شبه فارغة، عقارب الساعة تشير إلى الرابعة بعد الزوال، رن هاتف محمول لإحدى النساء بنبرة منخفضة وتعالى صوته إلى أن أصبح شديد الإزعاج. وقبل قدوم حارس الأمن الذي بدا العياء واضحا على محياه، لإخراجها من القاعة، امتدت أناملها إليه وأخرسته بحركة سريعة خوفا من غضب رئيس المحكمة، الذي رفع رأسه دون أن يلمح صاحب الهاتف المحمول، عاد حارس الأمن إلى مكانه بعد أن كانت نظراته كافية، لإقدام المرأة على إطفاء هاتفها المزعج...
رفع القاضي رأسه ونطق برقم ملف تبين أن صاحبه يجلس بجانب أربعة متهمين، كان يراقب الساعة بهدوء بينما بدا على وجهه علامات التفكير العميق، ومن خلال ما تلا القاضي من محاضر الشرطة، تبين أن الأمر يتعلق بقصة غير عادية لإنسان حولته الظروف إلى متهم مع سبق الإصرار والترصد...
تخلص عزيز من إنسانيته، وركب قطار نزواته ورغباته الشاذة، فصار بفعله المشين عدوا للطفولة والبراءة. كل هذه المصطلحات تفنن في اغتصابها أكثر من مرة.. استجاب لنداء الشهوة، التي ألقت به في غياهب السجون، دون أن ينتبه إلى فظاعة ما ارتكبته غريزته الوحشية، هذه هي العناوين الكبرى لقضية الاغتصاب التي ذهب ضحيتها أطفال قاصرون أبرياء.. لم يقترفوا شيئا سوى أنهم ذهبوا ضحية الملامح البريئة للمتهم الذي كان يبادرهم بعبارة: "عمي تمشي معايا"..
نشأ عزيز وسط أسرة بدوية فقيرة، وكان والده فلاحا في حقل أحد أعيان المنطقة. وكباقي الآباء يكد بجهد من أجل تأمين قوت أطفاله الخمسة، لأنه معيلهم الوحيد، الذين حرص على إدماجهم في عالم الدراسة.
بعد بلوغ عزيز السن القانوني للتمدرس، دخل مدرسة الدوار كباقي أقرانه. نهض في إحدى الصبيحات وهو فرح بلباسه الجديد ومحفظته الثقيلة بالكتب. وفي أول يوم وطأت قدماه قاعة الدرس، بدأت الظلمة تنجلي عن عيني عزيز، الذي ساير أماني نفسه التي حلقت به بعيدا. واعتقد أن ولوجه المدرسة، سيسهل عليه مصاعب الحياة، وصار شديد الحرص على تحقيق آماله، في الوصول إلى أعلى المراتب في سلم التوظيف.
لم يكن أحد باستطاعته كبح الرغبة الجامحة، التي اعترت الصبي في تحقيق حلم حياته، والرقي بغد أفضل مثل أقرانه. خصوصا وأنه مازال في أولى خطواته، وكل شيء سهل ويسير المنال، بالنسبة إليه. لم يكن سن عزيز آنذاك، يستوعب تلك الطموحات والآمال ولم يكن ليعي جيدا، كل ما يتطلبه وصول تلك المراتب من مشاق ومتاعب، خصوصا وأن أسرته تنتمي إلى وسط فقير يصعب معه، بشكل أو بآخر، مساعدته في تحقيق طموحاته. كان والده يبدي سرورا وفرحة بآمال ابنه، وصار بالنسبة إليه مفتاح الفرج. رغم أنه كان يستشعر كم عدد السنوات التي تنتظر عزيز لتحقيق تلك الطموحات. مر العام الأول، وحصل على نقط متوسطة، شفعت له وسط أسرته، التي عملت كل ما في وسعها من أجل تشجيعه والدفع به نحو التحصيل والاجتهاد. ومرت السنة الثانية بالرتبة نفسها، ثم بدأ العد العكسي لعزيز الذي أعلن فشله وعدم قدرته على المسايرة، لينقطع بذلك عن عالم الدراسة.
تبخرت كل الآمال والطموحات وذهبت أدراج الرياح، نتيجة لامبالاة الفتى وتضييعه للوقت في اللعب، ولم يجد الأب بدا من تعليم ابنه، أبجديات الفلاحة والعمل داخل الحقول. لم يعد عزيز كسابق عهده، إذ أصبح كثير الانطواء والعزلة، ويحاول التخلص من مجالسة أقرانه، حتى صار بذلك معروفا لديهم بوحدته وانطوائه وعزلته عن العالم الخارجي بل وحتى داخل أسرته، كان كثير الصمت، قليل الحديث لا يتكلم إلا لماما، أو حينما تطلب منه ذلك.
بعد مدة ليست بالقصيرة، فضل الابن الضال مغادرة الدوار، إلى وجهة مجهولة. وبعد مدة عاد إلى الدوار، إذ أخبر أسرته أنه يشتغل بالميناء.
بعد فشله الدراسي، وعدم قدرته على العمل داخل الحقول، فضل عزيز، الارتماء بين أحضان الشارع الذي علمه مبادئ التشرد والتسكع، وكان بمثابة الحضن الكبير، الذي التقى فيه بشباب ضائعين مثله، بعد أن رمى بهم الزمن في الهامش، ولم يجدوا سوى سخاء الشارع وعطفه. بعد أن فقدوا كل الآمال في الحياة، والانخراط فيها. قام الابن الضال بمرافقة مجموعة من أصدقاء الشارع، الذين عبث بهم الشارع، كما يحمل كل منهم بين طيات حياته مآس اجتماعية وأسرية. أبدع القدر في تأليفها، واستطاع هؤلاء أن يشيدوا لأنفسهم عالما آخر خاصا بهم، غير العالم الذي ولجوه أول مرة.
مرت الأيام تلو الأيام، وجنى عزيز كباقي أقرانه أشياء كثيرة، علمه إياها الشارع وحياة التسكع، التي اتخذها رفيقة دربه. فهناك تعلم التدخين بمختلف أنواعه، وشرب الخمر وغيرها من الأنواع المخدرة، كما تبين من خلال جلسة مفتوحة بالمحكمة أنه سبق له التورط قي قضية اغتصاب طفلين بعد أن احتال عليهما.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، فقد قاده تهوره إلى إقدامه على اغتصاب خادمة، لم تتجاوز عقدها الثاني، بعد أن أوهمها بأنه سيتزوجها بعد بيع أرض فلاحية ورثها عن والديه، رغم أنهما مايزالان على قيد الحياة00 داخل القاعة 5 وقف وخطا نحو المكان المخصص للوقوف أمام رئيس هيئة المحكمة، وبعد الأسئلة الروتينية للتعرف على هوية المتهم، وسرد أطوار قصته من خلال ما دونه عناصر الشرطة القضائية في محضر قانوني، سأله القاضي مباشرة، مشيرا إلى الضحية التي وقفت بجانبه، وكانت بين الفينة والأخرى تفرك عينيها.
القاضي: مالك مع هاد السيدة
المتهم: كنت باغي نتزوج بها، ولكن الله غالب لا دار لا فلوس..
القاضي: وعلاش تعديتي عليها
المتهم: كلشي كان بخاطرها وها هي كدامك سولها، كانت كاتجي عندي للعشة لي كنت ساكن فيها وما كترجعش لدارها حتى كتحس بمالين دار قربو يجيو..
القاضي: عارف أن هاد الشي لي درتي تيعاقب عليه القانون ياك؟
المتهم: عارف، أنا كنت كانبات غا فالزنقة اللهم الحبس ولا البرد ديال الشارع، أن قراوني دارنا وما قريتش وكاع اللي طرات ليا فحياتي أنا قابل بها حيت كلشي درتو بيدي..
أمام كلمات المتهم، التي كانت تخرج متلعتمة من فمه، لم يجد القاضي سؤالا آخر لأن المشتبه به اعترف في كل مراحل التحقيق مفضلا العيش وراء القضبان على حياة الشارع. | |
|
هديل قلم جديد
عدد الرسائل : 35 تاريخ التسجيل : 31/10/2008
| موضوع: رد: شر البلية ما يضحك - من الصحافة المغربية الأحد نوفمبر 09, 2008 6:44 am | |
| | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: شر البلية ما يضحك - من الصحافة المغربية الأحد نوفمبر 09, 2008 5:56 pm | |
| | |
|
أبو طيف قلم جديد
عدد الرسائل : 61 تاريخ التسجيل : 04/11/2008
| موضوع: رد: شر البلية ما يضحك - من الصحافة المغربية الإثنين نوفمبر 10, 2008 12:06 am | |
| ولو سمح لنشر ما يدور في محاكم السعودية لقرأت ورأيت العجب العجاب ، قصص يدمي لها القلب من شدة التأثر.
نسأل الله الهدى والتقى والعفاف | |
|
1st_top قلم بارع
عدد الرسائل : 1050 تاريخ التسجيل : 06/10/2008
| موضوع: رد: شر البلية ما يضحك - من الصحافة المغربية الأربعاء نوفمبر 12, 2008 11:22 pm | |
| - أبو طيف كتب:
- ولو سمح لنشر ما يدور في محاكم السعودية لقرأت ورأيت العجب العجاب ، قصص يدمي لها القلب من شدة التأثر.
نسأل الله الهدى والتقى والعفاف الهم آآآآآآآآآمين
في كل مكان به ما يكفيه من الأمور
جزاك الله خيرا
تحياتي | |
|